وظائف العربية
تمثل اللغة – مسموعة أو مكتوبة – أداة يستطيع الإنسان بواسطتها أن يتفاهم مع غيره من أفراد المجتمع في المواقف الحياتية المختلفة ، فبواسطتها يستطيع نقل أفكاره وأحاسيسه وحاجاته إلى غيره ممن يتعامل معهم . وعن طريقها يستطيع أن يعرف أفكار وأحاسيس وحاجات غيره من الناس . فهي وسيلة هامة في مجال الفهم والإفهام اللذين يمثلان العلاقة الجدلية بين الفرد والمجتمع.
واللغة نافذة مشرعة على تجارب وخبرات الأمة الواحدة ، وعلى تجارب وخبرات الأمم الأخرى . فهي التي تحفظ للأمة تراثها الأدبي والديني والعلمي ، وفي الوقت ذاته تطلع أبناءها على تراث الأمم الأخرى .
واللغة أداة هامة من أدوات التعلّم والتعليم ، وعليها يعول في تعليم التلاميذ المواد التعليمية المختلفة في جميع مراحل دراسته .
وهي أداة من أدوات التفكير ، إذ أن الإنسان يفكر باللغة ، ويتمثل ذلك في نتاج ذلك التفكير والذي يكون على صورة تراكيب ملفوظة، أو مكتوبة ، وبدونها يعسر على المرء أن يعبّر عن الأفكار أو عما يشاهده أو يحس به ، ويعسر عليه حتى التعبير عن الحاجات العادية .
واللغة وسيلة يستطيع المرء بواسطتها أن يعبّر عن عواطفه من فرح وحزن وإعجاب وغضب وغير ذلك ، كما يستطيع أن يجد في الآثار الأدبية التي تعالج العواطف الإنسانية ما ينفس به عن مشاعره إن لم يكن قادراً على تصويرها أو نقلها بطريقة مؤثرة .
إن أظهر الوظائف التي تؤديها اللغة في حياة الفرد والجماعة هي :
الوظيفة الاجتماعية . الوظيفة الثقافية . الوظيفة الفكرية . الوظيفة النفسية (الجمالية) .
الوظيفة الاجتماعية :
وتتمثل في الفهم والإفهام – التفاهم – وأبرز مظاهره :
التعبير عن الآراء المختلفة : السياسية ، الدينية ، الاجتماعية ... الخ .
التعبير عن الأحاسيس والمشاعر تجاه الآخرين .
المجاملات الاجتماعية في المواقف المختلفة .
التعبير عن الحاجات التي يحتاجها الإنسان في حياته الاجتماعية .
التأثير في عواطف وعقول الجماهير في المواقف والأغراض المختلفة .
الوظيفة الثقافية :
وتتمثل في :
حفظ التراث الأدبي والديني والعلمي للأمة ، ونقله من جيل إلى آخر لتتصل حلقاته وتتم معايشة أبناء الأمة له ، والإفادة منه .
نقل أفكار وتجارب الأمم الأخرى ، والاطلاع على آثارهم المختلفة وأنماط تفكيرهم وعقليتهم قصد الاستفادة منها .
كون اللغة وسيلة تعلم وتعليم ، يتمكن الدارس عن طريقها من تعلم مواد الدراسة المختلفة ، وبها يستطيع المدرسون تعليم الطلبة هذه المواد في مختلف مراحل الدراسة .
إقدار المرء على أن يتعلم كل جديد لم يخطر في مراحل الدراسة التي مرَّ بها ، وأن يتزود بمنابع الثقافة والمعرفة ويتصل بالعالم من حوله .
الوظيفة الفكرية
وتتمثل في الصلة الوثيقة بين اللغة والتفكير ، ومن أمثلة ذلك :
قدرة المرء على تعليل أمر يطرح عليه ، ومكونات التعليل صورة ذهنية ترتب على شكل ألفاظ وتراكيب تبدو مقنعة .
قدرته على نقض فكرة معينة ، مع بيان أسباب هذا النقض ، وما يرافق ذلك من مواكبة الألفاظ للأفكار التي تخرج على شكل لغة .
القدرة على تسلسل الأفكار والتي ترتبط فيها صور الأفكار الذهنية صورة بالمفردات والتراكيب وتترجم في النهاية بهذه المفردات والتراكيب .
الوظيفة النفسية – الجمالية – للغة :
تعتبر اللغة وسيلة من وسائل تصوير المشاعر الإنسانية والعواطف البشرية التي لا تتغير بتغير الأزمان فالحب والسرور ونشوة النصر والحزن والشعور بالظلم عواطف تلازم الإنسان منذ بدء الخليقة ، وهي مستمرة ما استمرت حياة على الأرض . وعن طريق اللغة استطاعت الآثار الأدبية الإنسانية أن تنتقل من جيل إلى آخر ، وأن تنمو نمواً مستمراً بما يضيفه الأدباء إليها في العصور اللاحقة من لوحات إنسانية خالدة . وهذه الآثار تمثل صوامع شعور وهياكل تطهير يلجأ إليها كل ذوي الإحساس والشعور ، وفي أفنائها وأروقتها يطلقون العنان لهذه المشاعر المشابهة فيفرغون شحناتهم السالبة ، حيث عجزوا عن أن يعبّروا عنها بالطريقة التي عبَّر بها هؤلاء الأدباء – إذ لا يعقل أن يكون كل إنسان أديباً – مما يشعرهم بالعزاء والسلوان .
وهكذا تتمثل الوظيفة النفسية للغة في قدرتها على الوفاء بالتعبير الدقيق والحي عن الحاجات النفسية والشعورية ، فتسعف من يقدر على التعبير عنها بالصور والتراكيب ، بحيث يضيف إلى هذه الآثار الجميلة آثاراً لا تقل عنها روعة في دقة تصويرها وصدقها وتأثيرها ، فتظل اللغة نبعاً ثراً لعرض العواطف والأحاسيس الإنسانية وتفريغها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في جميع العصور